رغم السياسات الحمائية الأميركية والأوروبية… “بي واي دي” الكهربائية الصينية تخترق “كوب 29”
“شركات صناعة السيارات الصينية سوف تهدم المنافسين العالميين دون حواجز تجارية”، عبارة أطلقها إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات الكهربائية، في تصريحات له يوم 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، ليحذر السلطات الأميركية والغرب من تفوق الصين وقدرتها على التوسع و”تدمير معظم شركات السيارات الأخرى في العالم، إذا لم يتم وضع حواجز تجارية”، على حد قوله، فما هي أسباب تفوق السيارات الكهربائية الصينية على منافسيها؟، وكيف استغلت الصين كوب 29 لتخترق الحواجز الجمركية التي فرضتها عليها الولايات المتحدة وحلفائها؟، وما هي حصة الصين من سوق السيارات الكهربائية العالمية؟
“شركات صناعة السيارات الصينية سوف تهدم المنافسين العالميين دون حواجز تجارية”، عبارة أطلقها إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات الكهربائية، في تصريحات له يوم 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، ليحذر السلطات الأميركية والغرب من تفوق الصين وقدرتها على التوسع و”تدمير معظم شركات السيارات الأخرى في العالم.
في واقعة تثير الجدل، نجحت الصين في تخطي الحواجز الجمركية الغربية. ففي خلال انعقاد مؤتمر المناخ “كوب 29” في العاصمة الأذرية باكو، وقّعت شركة “بي واي دي” الصينية اتفاقيةً لإنتاج حافلات كهربائية في منطقة سوميغات الصناعية الكيميائية بأذربيجان. وتقضي المرحلة الأولى من الاتفاقية تسليم 160 حافلة كهربائية تجريبية من “بي واي دي” إلى حكومة الأذرية لخدمة ضيوف مؤتمر “كوب 29″.
تستهدف الصين من هذا المشروع زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 500 وحدة سنوياً من الحافلات الكهربائية، وتوفير 600 فرصة عمل جديدة، ومراعاة الطلب المحلي وحصص التصدير.
تميز صيني
يقول محمود خيري، خبير أسواق السيارات، لـ”النهار” إن الصين نجحت بالفعل في التربّع على عرش انتاج السيارات الكهربائية حالياً، “والدليل مبيعات ’بي واي دي‘ نفسها خلال الربع الثالث من العام المنتهي في 30 أيلول (سبتمبر) الماضي، إذ تفوقت على ’تسلا‘ الأميركية، بإيرادات ارتفعت 24% على أساس سنوي إلى 201,1 مليار يوان (28,2 مليار دولار)، فيما حققت ’تسلا‘ مبيعات بقيمة 25,2 مليار دولار خلال الفترة نفسها”، إذ باعت “بي واي دي” 2,74 مليون سيارة حتى نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، ويتوقع “سيتي بنك” أن تحقق الشركة مبيعاتها السنوية المستهدفة البالغة 4 ملايين سيارة كهربائية بنهاية العام الجاري.
ترد “بلومبيرغ” الزيادة في مبيعات “بي واي دي” إلى الاستفادة من الطلب المرتفع محلياً في الصين، بفضل الحوافز الحكومية التي تهدف إلى تشجيع المستهلكين على استبدال السيارات التي تعمل بالوقود بسيارات كهربائية وهجينة. ويشير خيري إلى عوامل عدة تجعل الصين متفوقة في سوق السيارات الكهربائية: “الإنتاج الكبير، والتحالفات التي تبرمها مع شركات وحكومات أخرى، والاستحواذات التي نفذتها على شركات كبرى، وتوغلها بأوروبا عبر مصانعها وشراكاتها بعلامات تجارية مثل ’زيكر‘ و ’لينك آند كو‘ و ’بي واي دي‘”، لافتاً إلى أن “بي واي دي” هذه تستحوذ على نصيب الأسد من سوق السيارات الكهربائية في العالم، تليها “تسلا”، ثم “زيكر”، و “نيو”، و”إكسبينغ”.
تتميز السيارات الصينية من مثيلتها الأميركية والأوروبية في انخفاض تكلفتها وارتفاع تقنياتها ووجودة بطارياتها، بسبب عاملين أساسين: إدراك الصين منذ عام 2002 أن البطاريات تمثل بين 30 و40% من إجمالي تكلفة السيارة الكهربائية، وتركيزهاعلى قطاعات ما تزال بكراً مثل صناعة الحافلات والدرجات البخارية الكهربائية.
حرب جمركية
أعلنت الولايات المتحدة في أيار (مايو) الماضي زيادة الرسوم الجمركية على السيارات الصينية لتصل إلى 100% بدلاً من 25% سابقاً، ضمن مجموعة من الزيادات الجمركية شملت سلعاً صينية بمليارات الدولار، بينها أشباه الموصلات والبطاريات والألواح الشمسية، في استهداف لسياسات وممارسات الصين التي تضر بالشركات الأميركية.
وفي آب (أغسطس) الماضي، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على واردات السيارات الكهربائية الصينية. وعقب أقل من شهرين، وتحديداً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قرر الاتحاد الأوروبي زيادة الرسوم على السيارات الكهربائية صينية الصنع إلى نحو 45.3%.
وترى المفوضية الأوروبية المشرفة على السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي أنه بفرضها الرسوم الجمركية الأخيرة تحمي قطاع يضم 14,6 مليون شخص، فبكين تمنح مصنعي السيارات الكهربائية الصينيين دعماً غير عادل يتضمن تمويلاً تفضيلياً ومنحاً وأراضي ومواد خام لإنتاج البطاريات بأسعار أقل من سعر السوق، ما يمنح المصنع الصيني مزايا تنافسية لا يحصل عليها غيره من المصنعين الأوروبيين.
اعترضت بكين بقوة على هذه الإجراءات الجمركية بحق صناعاتها الكهربائية، وأعلنت أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع بحزم عن مصالح الشركات الصينية. وقال وانغ يي، وزير الخارجية الصيني: “ما فعلته الولايات المتحدة هو مثال كلاسيكي على البلطجة، وعليها التوقف عن خلق مشاكل جديدة”. ورداً على رسوم المفوضية الأوروبية، قال لين جيان، الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية: “هذا يتعارض مع مبادئ اقتصاد السوق الحرة”، فيما تقدمت الصين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية بسبب هذه الرسوم الجمركية.
الصين تتصدر قائمة 2023
أظهرت بيانات الوكالة الدولية للطاقة عن مبيعات السيارات الكهربائية العالمية لعام 2023 وتوقعات عام 2024، أن سوق السيارات الكهربائية العالمية سجلت إجمالي مبيعات قدره 13,8 مليون وحدة خلال عام 2023، بزيادة 4% عن عام 2022 عندما سجلت 10,2 ملايين وحدة، مقابل 6,6 ملايين وحدة في عام 2021، وسط توقعات بنمو مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 20% لتصل إلى 17 مليون وحدة بنهاية عام 2024 الجاري.
ويبلغ حجم سوق السيارات الكهربائية نحو 500,48 مليار دولار بنهاية عام 2023، ومتوقع أن ينمو من 671,47 مليار دولار في عام 2024 إلى 1,9 تريليون دولار بحلول عام 2032، ما يُظهر معدل نمو سنوي مركب بنسبة 13,8% خلال الفترة 2024-2032، بحسب “فورتشن بيزنس إنسايتس” (Fortune Business Insights) الأميركية.
أكثر 10 دول مبيعاً للسيارات الكهربائية 2023
أشارت بيانات “منصة روود جينيس” (Road Genius) المتخصصة في أبحاث سوق السيارات العالمية إلى صدارة الصين لسوق السيارات الكهربائية العالمية بمبيعات تجاوزت 8,1 ملايين وحدة في عام 2023، تلتها الولايات المتحدة بمبيعات بلغت نحو 1,39 مليون سيارة كهربائية. وسجلت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة مبيعات ملحوظة بإجمالي 700 ألف و470 ألف و450 ألف سيارة كهربائية على التوالي.
وسجلت هولندا مبيعات قدرها 210 آلاف سيارة كهربائية، وبلجيكا 193 ألف سيارة، والسويد 171 ألفاً، وكندا 171 ألفاً، وسجلت اليابان 140 ألف وحدة، وإيطاليا 136 ألف وحدة، وجنوب أفريقيا 132 ألف وحدة.
وكانت حصص السوق لهذه المناطق على الشكل الآتي: 60% للصين، و25% لأوروبا، و10% للولايات المتحدة، أي ما مجموعه نحو 95% من إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية في عام 2023.