“المال” تحدّد دقائق احتساب الضريبة الاستثنائيّة على أرباح “صيرفة” (النهار ١١ حزيران)
يوم حاول مصرف لبنان احتواء تفلت سعر صرف الدولار في السوق اللبنانية، والسيطرة على الانهيار النقدي والتضخم الذي كان يستشري بشكل جنوني، أنشأ للغاية آليّة “صيرفة” التي عملت بمثابة منصّة نقدية، بوظيفة واحدة ومهمة حصرية، وهي ضخ ما تسمح به السيولة الدولارية المتوافرة في خزائن المركزي، لكبح جماح الدولار وإنقاذ ما بقي.
في بداية عملها سعى “مخترعو” منصة صيرفة إلى تحقيق أمرين أساسيين، الأول ضخ دولار في السوق، من خلال تحويل رواتب وأجور جميع موظفي القطاع العام، والعسكريين والمتقاعدين إلى الدولار، أي ما يعادل نحو 300 ألف راتب شهريا، ويستفيد منها محدودو الدخل والطبقة المتوسطة. والثاني كان ملحاً ومقلقاً بشدة للمسؤولين، وهو تعزيز القدرة الشرائية لمداخيل العسكريين من مختلف الأجهزة، للمحافظة على تماسك الوحدات الأمنية والقطاعات، بعدما استشرى الهروب من الخدمة وسجّل أرقاماً قياسية.
بيد أن العائد الاجتماعي والأمني لمنصة صيرفة، حمّس مصرف لبنان، بموافقة الحكومة، على التوسع في ضخ الدولار في السوق عبرها، لامتصاص التضخم ولجم التصعيد النقدي، فدخل القطاع الخاص ومعه المصارف في سياسة امتصاص السيولة التي وفرها “المركزي” وحقق من عرف كيف يدير اللعبة، أرباحاً طائلة بسبب الفارق الكبير نسبياً بين دولار صيرفة ودولار السوق.
أرباح طائلة من دولارات #الودائع الباقية في مصرف لبنان ذهبت إلى جيوب نافذين ومستفيدين، ما حتّم السؤال عن مآل تلك الأرباح ومصيرها، وتالياً ضرورة إقرار ضريبة استثنائية عليها، تعيد قليلاً من كثير دفعه مصرف لبنان بنيّة حماية الليرة، واحتواه قنّاصو الفرص لتعزيز الـ”كاش” في خزائنهم.
أمام هذا الواقع، شملت موازنة 2024 وتحديداً المادة 93 منها فرض ضريبة استثنائية على المستفيدين من عمليات صيرفة. وتبعاً لذلك وبناءً على اقتراح مدير المالية العام بالتكليف جورج معراوي، وبعد استشارة مجلس شورى الدولة الرأي، حدد وزير المال دقائق تطبيق هذه المادة، إذ حدّد القرار الأشخاص الذين تتناولهم المادة عبر جمع قيمة العمليات التي نفذوها كافة على منصّة صيرفة استناداً إلى التعميم رقم 161 الصادر عن مصرف لبنان خلال عام 2021، والعمليات التي نفذوها خلال عامي 2022 و2023، على أن تشمل هذه الضريبة كل شخص تجاوز مجموع قيمة مشترياته من الدولارات الأميركية على سعر المنصة الإلكترونية (صيرفة) خلال تلك الأعوام مبلغ 15 ألف دولار.
وألزم القرار المصارف التجارية العاملة في لبنان ومؤسسات الصيرفة التي تم تنفيذ عمليات وفقاً للتعميم من خلالها، تزويد الإدارة الضريبية إلكترونياً بالمعلومات عن #عمليات الصيرفة التي تمت لدى كل منها ضمن مهلة شهر من تاريخ نشر القرار، على أن تشمل المعلومات الاسم الثلاثي للشخص الطبيعي ورقمه الضريبي في حال وجوده وعنوانه، اسم الشخص المعنوي ورقمه الضريبي وعدد العمليات التي قام بها، وقيمة كل عملية وتاريخ تنفيذها.
وحدد القرار الربح الخاضع للضريبة الاستثنائية الإضافية المحددة بموجب المادة 93 بالفارق بين القيمة بالليرة اللبنانية التي دفعها الشخص للدولارات التي حصل عليها على منصة صيرفة وقيمة تلك الدولارات بحسب قيمتها الفعلية بالليرة اللبنانية بتاريخ تنفيذ العملية.
وإن كان الشخص الطبيعي أو المعنوي سواء شركة أشخاص أو شركة أموال خاضعاً للضريبة على الدخل على أساس الربح الحقيقي، وكان قد أظهر أو لم يظهر الربح الناتج عن عمليات صيرفة التي نفذها في قيوده المحاسبية وفي تصريحه السنوي بنتائج أعماله، يجب عليه تقديم تصريح مستقل تعدّه وزارة المال خصيصاً لهذا الغرض، خلال مهلة شهرين من تاريخ نشر هذا القرار، يبيّن فيه ذلك الربح، ويخضعه للضريبة الاستثنائية الإضافية بمعدل 17% يسددها بموجب إشعار دفع تعده وزارة المال خصيصاً لهذا الغرض. ولا تُعدّ الضريبة المسددة عن هذا الربح من الأعباء المقبولة التنزيل من وارداته لعام 2024 أو لأي عام آخر.
أما إن كان الشخص المعنوي خاضعاً للضريبة على الدخل حتماً على أساس الربح المقطوع عملاً بأحكام المادة 44 من قانون ضريبة الدخل أو كان شخصاً طبيعياً خاضعاً للتكليف على أساس الربح المقطوع اختيارياً أو حتمياً بموجب المادة 11، وكان قد ضمن أو لم يضمن تصريحه السنوي الإيرادات الناتجة عن عمليات صيرفة، فيجب عليه تقديم تصريح مستقل تعدّه وزارة المالية خصيصاً لهذا الغرض، خلال مهلة شهرين من تاريخ نشر هذا القرار، يبيّن فيه الربح، ويخضعه للضريبة الاستثنائية الإضافية بمعدل 17% يسددها بموجب إشعار دفع تعدّه وزارة المالية خصيصاً لهذا الغرض.
وتفرض على كل شخص لم يلتزم بهذين الموجبين غرامة التأخر في تقديم التصريح المنصوص عليها في المادة 109 المعدلة من قانون الإجراءات الضريبية، وكذلك غرامة التأخر في التسديد المنصوص عليها في المادة 55 المعدلة من قانون الإجراءات الضريبية، على أن تقوم الإدارة الضريبية بتدقيق أعمال المكلفين الذين أظهروا أو لم يظهروا تلك الإيرادات في تصاريحهم وقيودهم عن السنوات 2021 2022 و2023 واستدراك الضرائب والغرامات المتوجبة.
واستُثني من هذه الضريبة الفروقات المرتبطة بالرواتب والأجور التي نتجت عن عمليات شراء الدولارات وفقاً للتعميم 161/2021، وكذلك تُستثنى منها الفروقات التي حققها الأشخاص الطبيعيون والمعنويون غير الخاضعين والأوف شور للضريبة على الأرباح ما عدا شركات الهولدنغ.