خاص – سليم الزعني يقارب الملف الصناعي بحلوِهِ ومُرِهِ: إنجازات وتحديات وخطط طموحة وواعدة
بكل موضوعية وصراحة، قارب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين سليم الزعني الملف الصناعي “بحلوِهِ ومُرِهِ”، فالزعني الذي يَعتَدّ بقدرة القطاع الصناعي والتقدم الذي حققه في العامين الماضيين، لا سيما زيادة أرقامه في السوق المحلية والتصدير كما دوره كمحرك للكثير من القطاعات الأخرى”، كشف عن خطة عمل طموحة للجمعية لإعادة إحياء قطاعات صناعية متوقّفة والتوسّع في الأسواق الخارجية.
إلا ان الزعني ينبّه من مصاعب جمّة تهدد القطاع الصناعي، “إذا لم يكن لديه سند يتمثّل بوجود تشريعات تنظّم الحياة الإقتصادية”. وتطرق أيضاً الى تحدي الطاقة، مؤكداً أنه على الرغم من التوسع الكبير في إستخدام الطاقة الشمسية، إلا ان التحوّل يجب ان يكون بإتجاه الغاز الطبيعي، و”هذا ما سنعمل على تحقيقه في العام 2023″.
وكشف الزعني عن أن فرض رسم الـ10% على السلع المستوردة، “التي ينتج مثيلاً لها في لبنان بجودة عالية وبكميات وفيرة”، هو تدبير مؤقت لمدة 5 سنوات لتمكين الصناعة من النهوض وأخذ مكانتها في المنطقة”، معلناً ان “لائحة السلع باتت جاهزة على أن يتم الإعلان عنها خلال أسبوعين، و”هي عُمِلَ عليها بكل تأنٍ وعناية أخذاً بعين الإعتبار عدم إلحاق الضرر بالمستهلك اللبناني”.
أبرز إنجازات وتحديات القطاع الصناعي
كلام الزعني جاء في حديث شامل لموقعنا Leb Economy أكد فيه أن “القطاع الصناعي أثبت قدرته على الصمود رغم الترهّل والهبوط في القطاع العام والقوانين والقضاء، وهو يشكل رافعة لقطاعات أخرى كونه يضم حوالي 240 ألف موظف ينتجون ويستهلكون في لبنان، وهذا أمر مهم جداً خصوصاً ان الـ240 ألف موظف إلى جانب المغتربين الذين يحوّلون الأموال الى عائلاتهم وكذلك السياح، هم الذين أبقوا لبنان صامداً، وهم كانوا السبب في إنتعاش الحركة الإقتصادية في لبنان في العام 2022”.
واذ أكد الزعني “إنه مهما كان القطاع الصناعي يملك من نقاط قوة قد يواجه مصاعب جمّة تهدده إذا لم يكن لديه سند يتمثّل بوجود تشريعات تنظّم الحياة الإقتصادية”، شدّد على ان “الضرائب والرسوم التي فرضت مؤخراً بشكل عشوائي وغير قانوني ليست الحل لتأمين نفقات الدولة، فرواتب موظفي القطاع العام لا تموّل من خلال الضرائب بل عن طريق إيرادات الخدمات ومنها مثلاً الكهرباء والمياه والإتصالات وغيرها”.
وتطرّق الزعني إلى ظاهرة تعدّد أسعار الصرف وتداعياته السلبية جداً على قطاع الأعمال، داعياً إلى تحديد سعر صرف رسمي موحد يتم العمل به بين كل المواطنين بحيث يتم اعتماد عند احتساب ضريبة الدخل والرسوم الجمركية متوسط سعر الصرف الذي يحدّده مصرف لبنان.
وفيما شدّد على “عدم إمكانية الطلب من القطاعات الإقتصادية وتحديداً الصناعة العجائب في ظل كل الفوضى المرافقة في القرارات والإجراءات وإنهيار الدولة”، أكدّ في الوقت نفسه على أن “القطاع الصناعي قادر على الصمود لكن إذا تمّت محاربته لن يستطيع الإستمرار”، معتبراً أنه “لولا لم يكن وزير الصناعة جورج بوشكيان صناعي ويتفهّم مشاكل القطاع لكنا ذهبنا الى الهاوية”. وقال “نحن نتعاون مع الوزير بوشكيان كي نتمكن من وضع تشريعات ضمن القانون والواقع”.
أرقام تكشف لأول مرة عن قدرات الصناعة الوطنية
وتحدث الزعني عن تطوّر القطاع الصناعي خلال العامين الماضيين، كاشفاً عن ان “قيمة الصادرات الصناعية بلغت في العام 2022 نحو 4 مليارات دولار”، معتبراً ان “هذا الرقم ممتاز ويجب ان نحافظ عليه عبر تشكيل حاضنة تشجع الصناعة وترفع هذه الأرقام عبر الدخول في الأسواق التنافسية الكبيرة في الأسواق الخارجية وإستبدال الإستيراد بالمنتج الوطني اللبناني”.
كما كشف الزعني عن ان “حجم الصناعة اللبنانية في الأسواق اللبنانية بلغ حوالي 10 مليارات دولار”.
ووفقاً للزعني فإن “أكثرية الصناعات الموجودة في لبنان استطاعت ان تتطور وتدخل في سوق المنافسة نتيجة قدراتها التنافسية”، مشيراً إلى ان “قطاع الصناعات الغذائية هو في الطليعة ويليه قطاع المواد الإستهلاكية كالمنظفات وغيرها من المنتجات ذات طابع الإستهلاك اليومي والتي تتواجد في السوبرماركت حيث حققت هذه القطاعات تقدماً كبيراً ورفعت من جودتها، إضافة إلى قطاع الألبسة والجلديات”.
طموحات وخطط جمعية الصناعيين في 2023
وأكد الزعني أن “طموح القطاع الصناعي إعادة إحياء القطاعات التي كانت متوقفة”، كاشفاً عن أن “لدى جمعية الصناعيين خطة عمل بالنسبة للإستثمارات ولفتح الأسواق الخارجية، خصوصاً ان السوق اللبنانية مهمة ولكن الصناعة لا تستطيع ان تحيا وتنمو دون توسيع أسواقها في الخارج، لذلك نعتبر أن هذه الخطوة الأهم لإطلاق أي قطاع صناعي”.
واذ لفت الى ان الأسواق العربية مفتوحة أمام التصدير الصناعي حالياً بإستثناء بعض الأسواق وعلى رأسها السعودية لأسباب سياسية وكذلك السوق المصرية بسبب الوضع الإقتصادي، اعتبر إنه “فعلياً هاتين السوقين (السعودية ومصر) مهمتين ليس فقط للصناعة اللبنانية إنما أيضاً للإستثمارات والتجارة”.
وقال الزعني: “فتحنا أسواقاً في اوروبا ونعمل على فتح المزيد من الاسواق الأوروبية حيث هناك اتفاق تجاري يعفي كل البضائع اللبنانية من الجمارك عند دخولها الى الأسواق الأوروبية المشتركة. كذلك نعمل على التواجد في الأسواق الأفريقية حيث تشكل الجالية اللبنانية رافعة لحضور ثابت للصناعة الوطنية. أما السوق الأميركية فهي سوق أساسية لم ينقطع عنها الصناعي اللبناني ابداً ونحاول ان نتوسع فيها”.
وأوضح أنه “ليس هناك أي موانع أمام دخول الصناعة اللبنانية إلى الأسواق الأميركية، لكن لدخول هذه السوق هناك بعض الشروط التي تسري على كل الدول وليس فقط لبنان. علماً أن السوق الأميركية صعبة، فمن أجل الدخول إليها يجب ان يكون لدينا انتاج ضخم لتلبية حاجات هذا السوق إضافة إلى معايير جودة عالية جداً”.
تحدّي الطاقة والبدائل لدى الصناعة الوطنية
وتطرّق الزعني الى تحدي الطاقة الذي يواجهه القطاع الصناعي، فأشار الى ان “لبنان استورد في العام الماضي حوالي مليار دولار من ألواح الطاقة الشمسية، وهذا يدل على ان هناك تحوّل كبير نحو الطاقة الشمسية، لكنها في الواقع لا تشكل حلاً بالنسبة للمصانع نظراً لأن هناك ساعات محددة من الشمس في اليوم وهي لا تكفي لتشغيل المصانع”.
وشدد على أن “التحوّل يجب ان يكون بإتجاه إستخدام الغاز الطبيعي الذي هو مصدر أساسي للطاقة”، معلناً انه “يمكن إستيراد الغاز الطبيعي بشكل متواصل وسهل كما نستورد المازوت والبنزين، وهذا يمكن تحقيقه في العام 2023”.
واذ اوضح الزعني بأن “الطاقة الشمسية وبالتقنيات الموجودة في العالم قد تشكّل مرحلة انتقالية”، اعتبر ان “دور الدولة هو دور أساسي في تأمين التيار الكهربائي بأرخص الأسعار كي تستطيع تلبية حاجات الصناعة والقطاعات الإقتصادية والمواطنين في منازلهم”.
وأبدى أسفه لأن “الدولة مستقيلة من دورها في هذا الشأن”، لافتاً الى أنه “اذا كانت الدولة غير قادرة على القيام بدورها، فلتوكل هذه المهمة لجهة أخرى لأن 30 عاماً من “البهدلة” في هذا الموضوع تكفي للقطاعات الإقتصادية والمواطنين”.
لوائح السلع الخاضعة لرسم الـ10% باتت جاهزة
وفي ردٍّ على سؤال حول رسم الـ10% على المنتجات المستوردة التي يوجد منتجات وطنية مماثلة لها، قال الزعني “الصناعيون ليسوا هواة ضرائب أو زيادة رسوم، بل هواة تخفيض أكلاف الإنتاج على الصناعة وليس زيادتها على قطاعات أخرى”.
وأضاف “لكن لبنان يمُر بمرحلة تقتضي حماية أو دعم المنتجات الوطنية، لذلك إرتأينا فرض هذا الرسم على سلع مستوردة محددة يوجد مثيلاً لها في لبنان، معطياً مثالاً على ذلك، الزيت النباتي الذي لديه مصنع كبير يستورد حبوب الصويا ويقوم بعصرها وإنتاج الزيوت الخام، ويوجد الى جانبه أيضاً 6 مصانع أخرى تقوم بتكرير الزيوت الخام وتصفيتها وبيعها في السوق المحلية، مع العلم إن إنتاج هذه المصانع يكفي لبنان وبعض الأسواق العربية”.
وقال “في هذه الحالة إذا تم فرض رسم الـ10 في المئة على الزيت النباتي المستورد، فذلك لن يشكل كارثة ولن يؤثر على المستهلك اللبناني لجهة زيادة التكاليف المعيشية عليه، طالما هناك منتج لبناني بديل بجودة عالية وبأسعار أقل، وطالما هناك عدة مصانع تعنى بصناعة وتكرير الزيت النباتي في لبنان الأمر الذي يمنع حصول إحتكار”.
وإذ اشار الى أن “رسم الـ10 في المئة هو تدبير مؤقت لمدة 5 سنوات الى حين نهوض الصناعة وتمكّنها من أخذ مكانتها ليس في لبنان فحسب إنما في المنطقة، وللمساهمة في الحفاظ على فرص العمل وخلق المزيد منها وزيادة الصادرات الى الخارج”، اكد أن “رسم الـ10 في المئة لن يخرج من جيب المواطن”، داعياً المعترضين على التجارة بالسلع المحلية بدلاً من المنتجات المستوردة، خصوصاً أن نسبة الربح هي نفسها.
وأعلن الزعني ان “لائحة السلع المستوردة التي ستخضع لهذا الرسم باتت جاهزة، وهي لا تضم سلع بالآلاف كما ذكر من بعض الأطراف، على أن يتم الإعلان عنها خلال أسبوعين بعد إبداء الملاحظات عليها وخضوعها للمراجعة”، مؤكداً ان العمل على اللوائح جرى بكل تأنٍ وعناية آخذاً بعين الإعتبار عدم إلحاق أي ضرر بالمستهلك اللبناني.
وشدد على أن معيار خضوع أي سلعة مستوردة لهذا الرسم هو إنتاج سلعة مثيلة لها في لبنان بكميات وفيرة وبجودة عالية وعدم إلحاق أي ضرر بالمستهلك اللبناني، مؤكداً أن “الهدف ليس تحميل المستهلك أي زيادة في الأسعار، إنما توجيهه لإستهلاك الإنتاج المحلي ذات الجودة العالية”.
وختم الزعني بالتأكيد على أن “الصناعة اللبنانية منذ ما قبل العام 1975 موجودة في الأسواق اللبنانية والخارجية وهي مدعاة إعتزاز وفخر، إذ أنها تتمتّع بصيت مشرّف في الأسواق الخارجية نظراً لجودتها العالية، وهدفنا زيادة نسبة إستهلاك منتجات الصناعة اللبنانية ذات الجودة العالية في السوق المحلية وتخفيض نسبة الإستيراد”.