خاص – المشهد الإقتصادي للعام 2023 لم يتضح بعد .. حذاري هذا الأمر!
مما لا شك فيه أن الأزمة الإقتصادية اللبنانية إنعكست بشكل مباشر وغير مباشر على مختلف القطاعات الإقتصادية في لبنان، وتركت أثاراً كبيرة من الصعب تخطيها في ظل الصدمات المتتالية على مر ثلاث سنوات متواصلة. فما هي أبرز التحديات التي ستواجهها الشركات في العام 2023 في حال إستمرت الأوضاع على حالها وعدم إيجاد حلول؟ وهل ظهرت الإنعكاسات على الإجراءات الضريبية التي إتُخِذَت خلال الموازنة والتي أقرّتها الحكومة مؤخراً؟
في هذا الإطار ، أشار القيادي الإقتصادي د. باسم البواب لموقعنا Leb Economy إلى أن “المشهد الإقتصادي للعام 2023 لم يتضح حتى الآن”، وتمنى أن لا تزداد الأعباء على القطاع الخاص إذ انه لا يزال يحاول الصمود ومواجهة الأزمة”، محذراً من “ان تلقى القطاع للضربات من الحكومة خاصة فيما يخص الضرائب سيودي به إلى الإنهيار الحتمي”.
ولفت البواب إلى أن “المشكلة الكبيرة التي حصلت في نهاية عام 2022 هي تعاميم وزارة المالية التي تساهم في ضرب القطاع الخاص الذي لا يزال صامداً، والمتعلقة بزيادة الضرائب والرسوم وضريبة الإنتقال والطوابع وإحتسابها وفقاً لسعر صيرفة 38 ألف ليرة. وفي الواقع هذه التعاميم حملت نقلة سريعة جداً لا يمكن للمؤسسات مواكبتها في ظل نمو إقتصادي منخفض”.
وفي ردٍ على سؤال حول إنعكاسات الإجراءات الضريبية التي إتُخِذَت خلال الموازنة والتي أقرّتها الحكومة مؤخراً، أكد أن “زيادة أي ضرائب أو رسوم ستؤثر سلباً على الشركات الخاصة والقطاع الخاص، لكن هناك بعض التعديلات على هذه الإجراءات، فبعد إن كانت ستتم وفقاً لسعر صرف منصة صيرفة سيتم بعضها على سعر صرف 8 آلاف ليرة وأخرى على سعر صرف 15 ألف ليرة”.
وإذ أمل البواب “بوجود بعض الإيجابية في عام 2023 لا سيما إذا بقي الوضع الأمني مستقراً”، شدّد على ان “هذا التفاؤل يبقى حذراً إذ لا يوجد حتى اللحظة معطيات أساسية للتغيير في الإقتصاد إن كان في مجال النفط والغاز أو في كل ما هو متعلق بصندوق النقد الدولي أو القوانين التي لم تسِر على الطريق الصحيح حتى هذه اللحظة”.
وفي إطار حديثه عن القطاع الخاص، قال البواب: “على رغم أن بعض الأمور ليست إيجابية لكن القطاع الخاص متمكن من الصمود، إلّا إذا تعرض لتحديات أخرى كالضرائب المفروضة والتي إن لم يتم تغييرها ستشكل عائقاً أمام دفعه لرواتب موظفيه وبالتالي إستمراريته “.
وأكد أن “القطاع العام بحاجة لإعادة هيكلة سريعة جداً حتى يتمكن من زيادة رواتب موظفيه وبالتالي ترشيده بحيث تكون نفقاته متساوية مع وارداته”.
صدمة بداية الإنهيار
وأشار البواب إلى أنه “شكلت بداية حصول الإنهيار الإقتصادي والمالي والنقدي في 2019 صدمة كبيرة لدى القطاع الخاص ومؤسساته، حيث إتخذت بعض المؤسسات قرارها بوقف أعمالها كلياً، فيما البعض الآخر إتخذ قراراً بنقل الأعمال إلى بلدان أخرى، وتم صرف عدد كبير من الموظفين يقدر عددهم بحدود 300 إلى 400 ألف موظف، بعد أن كان القطاع الخاص يضم حوالي 1,300,000 موظف مقابل حوالي 300 ألف موظف في القطاع العام. أما اليوم، فإنخفضت الأعداد في كل من القطاعين لتصبح حوالي 250 ألف موظف في القطاع العام، وحوالي 900 ألف إلى مليون موظف في القطاع الخاص “.
وأضاف البواب: “آنذاك، تراجعت مبيعات الشركات التي تعمل في مجال الكماليات من سيارات وساعات ومفروشات وغيرها إلى 90%، فيما تراجعت مبيعات الشركات التي تبيع منتجات أساسية كالمواد الغذائية والإستهلاكية وغيرها من قطع سيارات ودواليب وبطارايات وزيوت وغيرها إلى 50%”.
وتابع “بعد هذه الصدمة، بدأ القطاع الخاص يعمل على تحسين اوضاعه، وفعلياً في عام 2020 ومع تخفيف قيود كورونا بدأ القطاع يلملم جراحه فإستبدل أصنافه بأخرى تتلائم مع السوق المحلي ودرس أسعاره وتكاليفه التشغيلية وضيّق هامش أرباحه بهدف الإستمرارية. كما عمل القطاع الخاص على الدوام على تحسين أوضاع موظفيه لناحية الرواتب، فكانت في البداية كلها بالليرة اللبنانية من ثم أصبحت تقسم بين شيكات وفريش دولار حتى بدأت نسبة الفريش دولار ترتفع إلى أن وصلت حالياً إلى حوالي 50% في الشركات والمؤسسات الخاصة، وهذا ما يساعد في معيشة المواطنين وإستمراريتهم كموظفين في القطاع الخاص”.
أداء القطاعات الإقتصادية في 2022
وأكد البواب أن “الأوضاع في العام 2022 تحسّنت مع إنتعاش السياحة والوضع الأمني المستقر نوعاً ما، فإزداد عدد الوافدين إلى لبنان وحصل لبنان إضافة إلى الـ7 مليار دولار التي كانت تأتي ولا تزال من تحويلات المغتربين على واردات سياحية بحدود 4 أو 5 مليار دولار، والتي بدورها لعبت دوراً في إستمرار وصمود القطاع الخاص في وجه الأزمة”.
وكشف عن أن “المصانع اللبنانية الناشطة في مجال صناعة الأدوية والمواد الغذائية رفعت عدد موظفيها وطوّرت من نفسها مستفيدة من اليد العاملة الأرخص نوعاً ما في المنطقة وإستطاعت تلبية بعض إحتياجات السوق المحلية”.
ووفقاً للبواب “شهد لبنان تحسناً على الصعيد الزراعي والصناعي والسياحي، أما فيما يخص الصعيد التجاري فشهدنا أيضاً بعض التحسّن وصولاً إلى مستويات 50 و 60 % مقارنة بما كان عليه واقع القطاع في 2019، علماً أن الإستيراد إلى لبنان إنخفض من 22 مليار دولار سنة 2019 لحوالي 10 مليار دولار في عام 2020، وعاد ليرتفع في عام 2021 إلى 13 مليار دولار، وفي العام 2022 سجّل ما يقارب الـ19 مليار دولار، وسط توقعات بأن يعود إلى مستوى الـ 20 مليار دولار في 2023”.
وأكد البواب أن “ما هو مهم الآن واقع القطاعات التي لا زالت متضررة بشكل كبير من الأزمة لا سيما القطاع المصرفي الذي يعتبر عامود الإقتصاد. فاليوم لا يوجد تسليفات، إعتمادات، أو ودائع، وبالتالي لا يمكن الإستمرار على هذا النحو إذ أن الإقتصاد لا يمكن أن يكتمل فعلياً إلا إذا عاد القطاع المصرفي للعب دوره”.
وأشارالبواب إلى أن “قطاعي التعليم والصحة تضررا بشكل كبير، فإرتفعت هجرة الأطباء والممرضين والأساتذة ما أثّر سلباً على نوعية خدمات القطاعين، علماً ان القطاع الخاص بدأ يتدارك الأوضاع ورفع من أجور الموظفين والأطباء لضمان بقائهم في لبنان وإستمرارية مؤسساته”.