السياسة الحكيمة التي تستند إلى القوانين مطلب عربي – دولي – شعبي (اللواء ٣٠ حزيران)

إنّ العلم السياسي يعتبر أنَّ أُسُس السياسة الحكيمة في أي مجتمع يحترم خصوصياته يفرض إدارة الشؤون السياسية العامة بنوع من الحكمة والعقلانية وصدق الرؤية والنزاهة، ويفترض هذا العلم أيضاً الأخذ بعين الإعتبار مصالح الدولة بكل أجهزتها الرسميّة سواء أكانتْ مدنيّة أو عسكرية ومصالح الأفراد المقيمين والمهاجرين، كما السعي الدؤوب لتحقيق الصالح العام. من حيث المنطق الدستوري – القانوني يُفترض بهذه السياسة الحكيمة تشريع القوانين وتطبيق المواثيق والأعراف الدولية الضامنة للعدالة والمساواة، ومن دون أدنى شك إلزامية توفير الخـدمات الأساسيّة للمواطنين المقيمين وللمغتربين، وتعزيز التنمية بكل اختصاصاتها: الإجتماعية – التربوية – الاقتصادية – الإستشفائية. كما يوصي علم السياسة بتطبيق سياسة شفّافة ومساءلة قضائية لا تستثني أحداً.
مفهوم الحكمة السياسية لا ينبع من التسلُّط على رقاب الشعب ولا ينبع من بيع المواقف، ولا ينبع من التقوقع والإلتزامات الخطيرة التي تودي بمستقبل الدولة ومؤسساتها وشعبها. المسؤولية وفق وجهة نظرنا ومن خلال ممارستنا للشأن العام المستندة إلى دراسات موضوعية وثقناها كمركز أبحاث PEAC تتطلّب الحكمة السياسية في تسيير شؤون الحكم وخاصة في أوقات الأزمات التي تعصف بالدولة. إننا مرحلياً في الجمهورية اللبنانية أحوج إلى مسؤولين أصحاب ضمير حيّ يترجمون الكلام إلى أفعال وفقاً للآلية الدستورية وممارسة سياسة شفّافة موضوعية علمية لا تتصادم مع متطلبات الغرباء والعملاء والمستفيدين.
أعددنا دراسة سياسية متشعّبة في مركزنا البحثي تميّزت بالعقلانية والحكمة في كافة بنودها والمواقف التي من الواجب لا بل من المُلزِم اتخاذها في هذا الظرف المصيري. إننا نُشدِّد على النهج السياسي العقلاني في مقاربة المواضيع المطروحة منها السيادة التامة والناجزة – السلاح غير الشرعي الذي يتناقض وقانون الدفاع الوطني ووثيقة الوفاق الوطني – الإصلاحات البنيوّية المطلوبة محلياً – عربياً – دولياً، دراساتنا تنسجم مع متطلبات الوضع المحلي – الإقليمي – الدولي المستجِّـد، وتنسجم بما تنص عليه القرارات الدولية والأنظمة الإقليمية العربية والأنظمة الدولية (كون الجمهورية اللبنانية عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة) وفي وضع آلية سياسية موضوعية دستورية قانونية في تعاطيها السياسي الدبلوماسي مع المواضيع المطروحة على جدول البحث في الجمهورية اللبنانية سواء أكان في الداخل اللبناني أو على مستوى الدول الفاعلة على المسرح السياسي الدولي ولا سيّما الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
إننا المركز الدولي للأبحاث السياسية والاقتصادية والإجتماعية PEAC ومن خلال تواصلنا مع الأنظمة العربية والنظام العالمي وكل مهتّم بالأزمة اللبنانية سبّاقين في تطبيق النظم والقوانين المرعية الإجراء في مجال بحثنا الأكاديمي – التنظيمي، ولم نقبل الإنسياق نحو اللامنطق، ونجـد هذا المثال في طريقة مقاربتنا للمواضيع المطروحة والتي لا نقبل بتجزأتها أو بتحويرها أو بما يُعرف بـ«تدوير الزوايا». إنّ مركزنا البحثي لا ولن يُحيد عن إنتهاج سياسة الحكمة والتعقُّلْ والتأنّي في تقييم الأحداث والتحقق من تفاصيلها وبالتالي التصرُّف إزائها بحكمة وعقلانية. وبذلك يكون مركزنا الأوّل في تحقيق معادلة سياسية صحيحة في آلية التعاطي مع الواقع اللبناني في تطبيق ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري، والتطبيق الموضوعي المُلزم المُرتكز على الدستور والشرائع هو النموذج للنجاح والإنسجام والتعقُّل.
في هذا الخصوص إننا كمركز PEAC يمكننا القول دون أدنى تردُّد بأنّ دراساتنا ومواقفنا والآليات السياسية التي نطرحها وفي طريقة تعاملنا مع المواقف في قلب النظام السياسي تُجسِّدْ النموذج السياسي الحكيم والمستند للقانون والذي لا يقبل أي تشويه أو تزلّف أو عمالة. على ساسة الأمر الواقع أن يتيّقنوا «مواقفنا جميعها تصدر عن خبرة ودراية سياسية كاملة بخفايا السياسة المحلية – الإقليمية – الدولية، وحتماً مواقفنا ودراساتنا ستعطي نتائج عظيمة ومهمة على الصعيد الوطني الداخلي وعلى صعيد العلاقات الإقليمية – الدولية».
حرصنا كمركز أبحاث PEAC ممارسة سياسية بالحكمة والجديّة والثبات في الرؤى والرويّة، ومن هذا المنطلق نحرص أشدّ الحرص على وضع مصلحة الجمهورية والشعب نصبَ أعيُنِنا وعلى رأس سلّم الأولويّات، لنكفل لوطننا ولشعبنا كل سُبُل الطمأنينة والإستقرار والعيش الكريم. إنّ مكانتنا الداخلية – الإقليمية – الدولية تؤهّلنا كمركز أبحاث لأنْ نتبوأ دوراً مميّزاً رياديًّا في المنظومة السياسية الوطنية التي تسعى لإعادة السلطة لمكانتها بين الأمم حيث لا تبقى عبئاً على أحد. إنّ الثوابت السياسة التي ننتهجها كمركز أبحاث تعتمد مبدأ السلام الذي يجب تفعيله في إطار القانون الدولي وعلى ضوء إحترام المبادئ والأعراف التي يقوم عليها.
إننا كمركز أبحاث نسعى لطرح إلتزام سياسي بخط واضح وبرنامج ومنهجية علميّة تحمل مصداقية التجرية والخبرة خبرتي العلم والنضال والتغيير الجذري، فالجمهورية لا تتقدّم من دون وجود رجال أشِّدّاء أصحاب مواقف نبيلة في الممارسة لا يتلوّنون ولا يُساومون ولا يُسايرون ولا يُبدّلون ولا يتبّدلون. إنّ رجال قرار يطبقون القانون ويحّلون المشاكل القائمة المتراكمة هو مفتاح الحل. والحـل هو في أيدي الشرفاء وسيكون من خلال إعادة النظر في التركيبة السياسية القائمة عن طريق إنتهاج سياسة حكيمة تحت عنوان «تعـديل حكومــي» في أقرب فرصة متاحة وللبحث صلة.
* كاتب وباحث سياسي