خاص – معطيات هامة .. هذا مصير القروض المصرفية المتعثّرة!
بحسب استبيان أعدّه البنك الدولي، ارتفعت نسبة القروض المتعثّرة من إجمالي قروض القطاع الخاص لدى المصارف اللبنانية، إلى 37.4 في المئة من 33 في المئة في نهاية العام 2020. وتشير المعطيات إلى أن هذه القروض المتعثرة تعود بنسبة كبيرة الى لبنانيين مقيمين حيث تبلغ حصّتهم نحو 10 مليار دولار من مجمل قيمة القروض المتعثرة والبالغة 11.5مليار دولار.
فما مصير هذه القروض؟ ومتى يحق للمصارف وضع اليد على الضمانات التي تقابلها من عقارات أوسيارات أو ممتلكات أخرى؟
في هذا الإطار، اعتبر خبير المخاطر المصرفية محمد فحيلي في حديث لموقعنا Leb Economy أن “هذه الإحصاءات غير دقيقة لسبب مهم لم يسلّط تقرير البنك الدولي الضوء عليه، وهو قانون تعليق المهل، حيث أن عدد كبير من أصحاب القروض التجارية إختاروا الإستفادة من هذا القانون، وتوقفوا عن دفع السندات العائدة لقروضهم، فيما اضطر الأشخاص والمؤسسات الذين لديهم حسابات جارية مدينة في المصارف إلى تسديد إلتزاماتهم”.
واذ لفت فحيلي إلى أن “قانون تعليق المهل إنتهى العمل به أواخر العام الماضي، لكن حتى الآن لم تصدر أي إشارة من مجلس النواب لتجميده أو تمديده أو توقيفه”، كشف عن أن “جزءاً كبيراً من القروض المتعثرة جرى تسديدها عبر شيكات مصرفية لا سيما القروض التي لها علاقة بالتطورالعقاري، كما أن أغلبية هذه القروض يقابلها ضمانات بأصول ثابتة كعقارات واراضي”.
وقال: “عندما يدرك المصرف أن القرض لن يتم تسديده، يلجأ الى لجنة الرقابة على المصارف التي تقوم بدورها بتخمين الضمانات وتسمح للمصرف بأخذ هذه الأصول إستيفاءاً للدين، وفي حال كانت قيمة التخمين اقل من القرض تحتسب خسارة المصرف بهذا الفرق. علماً أن المصارف لديها مؤونة كبيرة بطريقة متراكمة منذ عام 2015 وازدادت هذه المؤونة في أوائل 2018 بسبب الإلتزام بالافصاح المالي الدولي رقم 9 الذي يُلزم المصارف بأخذ مؤونة إضافية على القروض المتعثرة”.
وذكّر فحيلي ببيان مصرف لبنان في 14-12-2021 بعد اجتماع ضم وئيس الحكومة ووزير المال وحاكم مصرف لبنان والذي أعلن أن القروض التجارية ستتم معاملتها بطريقة استثنائية بحيث يُسمح لأصحاب القروض بالعملة الأجنبية سنداتهم على سعرصرف 8000 ليرة للدولار الواحد. وفي حين أشار فحيلي أن “هذا التعميم لم يصدر بعد”، لم يستبعد صدوره خلال فترة قريبة بهدف إعادة إحياء تسديد القروض التجارية”.
وشدد فحيلي على “أن الحسابات الجارية المدينة لا تعتبر قروضاً بل تسهيلات، ولذلك المصارف لا تخضع الحسابات الجارية لأي من هذه الإعتبارات “.
وفي رد على سؤال حول موعد تنفيذ إجراءات إتجاه المقترضين نتيجة تعثر القروض، أكد فحيلي أن “المصارف ليس لديها القدرة والحق بأخذ ضمانات عقارية استيفاءً للدين دون موافقة مسبقة لجنة الرقابة على المصارف”. وأوضح إنه “ما دام قانون تعليق المهل ساري المفعول، لن تستطيع المصارف ان تتحرك قانونياً وأن تضع يدها على العقارات أو اي أصول أخرى استيفاءً للديون”.
تعثّر القروض بالأرقام
بحسب أرقام البنك الدولي، بلغت قيمة القروض المتعثّرة في نهاية آب 2021 ما نسبته 37.4% من إجماليّ القروض الخاصّة، أي بارتفاع نسبة 4.4% مقارنة مع أيار 2021 حين كانت نسبة التعثّر تبلغ 33%. يختزل هذا الأمر معاناة قطاعات الاقتصاد المختلفة، إلّا أنّ الأرقام تُظهر أنّ الوقع الأكبر جاء على قروض قطاع الإسكان التي تعثّرت بنسبة 13%، أي فشل نحو 15 ألف أسرة في تسديد الديون المترتبة على الوحدات السكنية التي اشترتها وباتت مكشوفة على مخاطر فقدانها بالكامل. وإذا استبعدنا القروض لغير المقيمين التي بلغت في آب 2021 نحو 3.7 مليار دولار، فإن المقيمين عاجزين عن تسديد نحو 10 مليارات دولار للمصارف. بينما مجمل قيمة القروض المتعثّرة تبلغ 11.5 مليار دولار.
ويعاني قطاع الصناعات التحويليّة، الذي يشمل الصناعات التي تحوّل المواد الأوّلية إلى منتجات وسيطة أو جاهزة للاستهلاك، مثل صناعات المواد الغذائية والثياب وغيرها من النسية الأكبر من التعثر. فقد بلغت نسبة القروض المتعثّرة في هذا القطاع نحو 58%. ما يدلّ على تدهور أوضاع هذه الصناعات وتراجع مبيعاتها بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى المستهلكين.
ويسجل أيضا قطاع البناء نسب تعثّر كبيرة من إجمالي القروض المصرفية بلغت 56%، نتيجة التراجع الكبير في المبيعات ولا سيّما بعد توقّف مصرف لبنان عن دعم قروض الإسكان الجديدة في عام 2018.
كما سجل قطاعا تجارة الجملة وتجارة التجزئة نسب كبيرة للتعثّر بلغت 47% و49% على التوالي. وأتت نسبة التعثّر الأقل من نصيب قطاع الإسكان، والتي بلغت 13%، علماً بأنّ هذه القروض كانت بغالبيّتها من نصيب شرائح المقيمين ذوي الدخل الأدنى الذي اعتمدوا على قروض الإسكان من أجل حصولهم على مسكن. هذه الفئة هي أكثر من أصابه الانهيار ودفعه إلى قعر خطوط الفقر.