خاص- 2600 وظيفة إلى الإلغاء وإدارات إلى الإقفال… متى يعطى الضوء الاخضر السياسي لإطلاق هيكلة القطاع العام؟

يتصدّر ملف اعادة هيكلة القطاع العام كل نقاش حول الخطة الاصلاحية، بإعتباره المدخل الاساسي لأي اصلاح حقيقي، ولأن اي زيادة منطقية وعادلة على رواتب موظفي الدولة او اي اقرار لسلسلة الرتب والرواتب لن يتحقق قبل انجاز هذه الخطوة. لكن فعلياً ما الذي يعيق تنفيذ اعادة الهيكلة؟
في هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنيس بو ذياب أن إعادة الهيكلة ملف سياسي بإمتياز لأنه يمسّ مختلف القوى السياسية. فبعد اتفاق الطائف تراجع دور مجلس الخدمة المدنية لحساب الأحزاب التي باتت تقوم بالتوظيف بشكل غير مباشر في الإدارات والمؤسسات العامة، وغالبًا من خارج الملاك عبر صيغ تعاقدية مختلفة مثل: أجير، مياوم، بالفاتورة… وهي تسميات لا تستوفي شروط التوظيف السليم، علمًا أن هؤلاء المتعاقدين لا يحصلون على تعويضات نهاية الخدمة ولا يُعدّون موظفين رسميين.

واعتبر بو دياب في حديث لموقعنا Leb Economy أن الحل يبدأ برفع اليد السياسية عن الإدارة العامة، كاشفا عن وجود خطة قديمة يعمل وزير الشؤون الإدارية فادي مكي على تحديثها، وقد اطلقت عليها تسمية خطة 2025-2030، على أن تبدأ مرحلتها الثانية مطلع 2026 وتتضمن إعادة توصيف الوظائف. كما لفت إلى خطة أخرى تقترحها رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي، وتقضي بإلغاء نحو 2600 وظيفة لم تعد لها حاجة مثل: كاتب دكتيلو، مساعد مترجم، محتسب، قلم… وإذ شدد على ضرورة إعادة توصيف الوظائف، أكد بو ذياب ان ذلك قد يخلق وظائف جديدة كما سيفرض إقفال بعض المؤسسات العامة، لكن كل ذلك يبقى رهناً بالقرار السياسي.
وكشف بو ذياب أن السير في عملية اعادة الهيكلة يحتاج أولاً إلى خطة شاملة من الوزير المعني، ثم موافقة مجلس الوزراء، وفي حال تقرر إلغاء وظائف أو مؤسسات عامة يصبح الأمر بحاجة إلى قانون يصدر عن مجلس النواب، لأن ما أُنشئ بقانون لا يُلغى إلا بقانون.
وعن كيفية إعادة إحياء الوظيفة العامة وجعلها منتجة، شدد على ضرورة إصلاح القطاع العام، وإطلاق دورات تدريبية مستمرة لموظفي الدولة لمواكبة التطور والرقمنة. فتعزيز هيبة الوظيفة العامة يشجّع أصحاب الكفاءة على العودة إليها، وهو أمر يرتبط مباشرة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وإصلاح الإدارة العامة، ورفع اليد السياسية عن التوظيف والاستنسابية.
أما عن حجم الفائض والشواغر، فأوضح بوذياب أن مجلس الخدمة المدنية أصدر تقريرًا مفصلًا يُظهر وجود فائض كبير في وزارة التربية بمختلف قطاعاتها (التعليم الرسمي، الابتدائي، والمهني)، مقابل شواغر في إدارات أخرى. واعتبر أن تحقيق التوازن جزء أساسي من الهيكلة المنتظرة، مؤكداً أن العملية ليست صعبة بقدر ما تحتاج إلى قرار سياسي.



