من المخازن الى المائدة: مَن حاول إعادة إحياء شحنة القمح الفاسد لعام 2022؟ (الديار ٢٩ تشرين الأول)

“ غير مطابقة للمواصفات، تحتوي على العفن»، تلك كانت نتيجة الفحوصات التي أجريت على شحنة القمح التي دخلت الى لبنان عام 2022، العائدة لشركة «شبارق» التي لا تزال منذ ذلك الوقت في المخازن، رغم كونها غير صالحة للاستهلاك.
الشحنة نفسها عادت الى الواجهة مجددا، مع ورود تقارير صحفية تحدثت عن محاولة وزارة الزراعة والاقتصاد، وضع خمسة آلاف طن من القمح المخزن في الأسواق، وقد تبين انها الشحنة غير الصالحة التي رفضت رئيسة هيئة القضايا السابقة القاضية هيلانة اسكندر منحها إجازة دخول، بعد فحص عينة منها في مصلحة الابحاث الزراعية.
إعادة طرح الموضوع اليوم، طرح تساؤلات كثيرة تبدأ من السلامة الغذائية، وتمر بالملفات الفضائحية واستمرار الفساد المعشش في إدارات الدولة. الاسئلة المطروحة: اذا كانت العينات المسحوبة من اكثر من سنتين، أثبتت عدم اهليتها وتعفنها، فلماذا محاولة اخراجها الى الضوء مجددا ؟ وما هو دور وزارتي الزراعة والاقتصاد في الموضوع؟ وكيف صدر أمر قضائي بالسماح بإدخال القمح الى السوق عاد ٢٠٢٣، فيما كانت القاضية هيلانة اسكندر استندت الى فحوص العينات، لإثبات وجود تعفن وتلف في القمح؟ لماذا تم الاحتفاظ بالشحنة لسنوات، ولم يتم اتلافها ما دام ثبت عدم صلاحيتها؟ وكيف بعد مرور كل هذا الوقت يعاد طرح الموضوع مجددا، من دون رادع اخلاقي وحس مسؤولية؟ ولماذا إعادة استنساخ القصة في ظل عهد جديد، وحكومة تدعي انها تسعى للإصلاح ومحاربة الفساد؟
في هذا الاطار، تؤكد مصادر سياسية ان ملف القمح الفاسد او المغشوش ليس جديدا، فهو يعود الى الحكومة السابقة ووزراء سابقين، وجرى في حينه لفلفلة الملف على الطريقة اللبنانية، قبل ان تتفاعل القضية قانونيا وفي الإعلام الذي ساهم في كشف الفضيحة، وهذا ما حصل اليوم حيث اثيرت الفضيحة في الإعلام، مما أفشل محاولة تمييع الملف.
من جهة ثانية، أشار مصدر خاص ان الكميات التي خضعت للفحوص عام ٢٠٢٣، جرى فرزها وصدر قرار بتلف كمية كبيرة غير مطابقة، لكن الوضع اليوم مختلف وأكثر سوءا بعد مرور عامين، وهذه مهلة كافية لجعله غير صالح للاستهلاك.
مصادر قريبة من وزارة الزراعة اكدت ان مصير الشحنة بالنهاية هو التلف، بسبب عامل الوقت اولا واستنادا الى نتائج الفحوصات القديمة. وقد أصدرت الوزارة قرارات بإعادة إجراء الفحوص لاصدار تقارير علمية، تمهيدا لارسالها الى دائرة الابحاث العلمية لإعطاء تقرير مفصل حولها.
هذا لا يمنع ان لا احد في لبنان ينتظر النتائج المخبرية، فلا حاجة إلى الكشف العلمي لتبيان ان القمح فاسد، ويمكن بالعين المجردة مشاهدة العفن والتسوس الظاهر فيه، كما ينقل عن المطلعين على وضع الشحنة. وهذا يطرح السؤال الأساسي: من حاول ان يغطي الفضيحة؟ وكيف جرت لفلفة الموضوع في وجود حكومة تقول انها تحارب الفساد المعشش في الدولة والمؤسسات؟



