اعتداء على مدرسة لراغب علامة سببه كلام… فهل من قلق على حرية الرأي؟ (النهار ٢٧ كانون الاول)
شكّل اعتداء مناصرين لـ”حزب الله” على مبنى مدرسة “السان جورج” التي يملكها الفنان راغب علامة في الضاحية الجنوبية لبيروت شجباً واسعاً من اللبنانيين. حصل ذلك على إثر كلام منسوب للأخير اتخذ فيه منحى هجومياً ضدّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بعد اغتياله، فحواه أنّه لم يعد موجوداً ما أدّى للارتياح. حصل تناقل الكلام على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن فيديو لمحادثة هاتفية مع الفنان عبدالله بالخير يظهر فيه الفنان الإماراتي.
وإذ نفى الفنان اللبناني أن يكون ذلك الكلام حقيقياً، صدرت عنه التغريدة التالية: “يتناول بعض الناشطين حديثاً مصطنعاً بين أحد الأشخاص وأحد الفنانين عن طريق الذكاء الاصطناعي جرى تقليد صوتي وتسجيل حديث غير صحيح. أنفي هذا الاتصال جملة وتفصيلاً. وسوف ألاحق الموضوع قضائياً لنصل إلى هذا الشخص”.
لكن الخبير في مواقع التواصل الاجتماعي عمر قصقص كشف تقنيّاً أن الفيديو المتناقل بما في ذلك فحوى المحادثة ليس مشغولاً من خلال الذكاء الاصطناعي وأن الفيديو حقيقي في الصوت والصورة داعياً راغب علامة إلى أن يكون بحجم موقفه وأن يتحمّل مسؤوليته.
ما هي ارتدادات الاعتداء على مبنى المدرسة نتيجة ما حصل؟ وما تأثير ذلك على حرية الرأي خصوصاً أن الكلام أتى ضمن محادثة خاصّة وليس تصريحاً إعلامياً؟
تقول الأستاذة والباحثة في الإعلام في الجامعة اللبنانية ميرنا أبو زيد لـ”النهار”، إنه “لم يكن هناك ما يستدعي تحطيم مبنى المدرسة لأن المبدأ الأوليّ هو أن يكون الردّ على الكلام بالكلام بعيداً عن العدائية في التعامل لأنها مسألة يحرّمها القانون. سيادة قانون ضرورية لأن العنف لا شيء يبرّره، وهو يشكّل شريعة الغاب التي تذكّر بسنين طويلة عاشتها البشرية من الدموية والصراعات قبل التقدّم والفكر ولا يجوز الرجوع إليها”. لكنها تضيف أنه “لا بدّ من ميثاقيات أخلاقية بين اللبنانيين رغم تفهّم أن يقول أي أحد أي كلام، لكن يمكن من منحى إنساني عدم الشماتة في الموت. لقد حزنا في كيفية تصرّف البعض عند استشهاد جبران تويني. لا بدّ من إعطاء المثل في معاملتنا مع بعضنا بعضاً ونحترم أن الآخرين يعتريهم الحزن”.
وتفسّر ميرنا أبو زيد أن “التعبير يصدر من باطن الإنسان حول معرفته والانفعالات التي يشعر فيها ولا يمكن محاسبة الناس على الاقوال لكن يمكن الردّ بالكلام أيضاً. ليس هناك ما يبرّر الاعتداء على مدرسة وهذا التصرّف يدلّ على عدم قبول الرأي الآخر وأنهم يرفضون مبدأ حرية التعبير وأنهم في اتجاه قمعي ولا يؤمنون سوى في منطق القوة لا في منطق القانون والعدالة للجميع”. في استنتاجها، “لا قلق على حرية الرأي والتعبير لأن لبنان متعارف عليه أنه بلد الحرية مبرّر وجوده رغم الاعتداءات ومحاولات الإسكات التي تحصل، لكن اللبنانيين أثبتوا تاريخياً أنهم ينتصرون لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ولا خطر للتحول إلى دولة قمعية وعلى سلطات إنفاذ القانون أن تتدخّل. بهذه الطريقة يمكن التأكيد في أننا مجتمع حرّ يتقبّل الرأي ويحصل بيننا نقاش في السياسة، لا العنف. وإذا كان هناك أي خطأ في كلام أحدهم، إن الاعتذار والتراجع عن الخطأ فضيلة”.