أوبك.. دورٌ محور في الحفاظ على استقرار أسواق النفط
تلعب منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) دوراً محورياً في استقرار أسعار النفط على المستوى العالمي، ذلك أن تنظيم إنتاج النفط وتوجيه السياسات المشتركة بين دول الأعضاء يعزز من الاستقرار الاقتصادي ويقلل من التقلبات الشديدة في أسعار النفط.
بالتعاون والتنسيق بين دول الأعضاء، تستطيع أوبك ضبط مستويات الإنتاج لتلبية الطلب العالمي وتحقيق توازن في السوق، من خلال تبنيها رؤية واقعية للأسواق تستند إلى أسس متينة وعميقة.
تفحص المنظمة بعناية العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي تؤثر على سوق النفط، وتتخذ القرارات المناسبة بناءً على تحليل شامل للبيانات والاتجاهات، وبما يساعد على تحقيق استقرار أسعار النفط والتقليل من عدم اليقين في السوق.
تتفوق أوبك في تقديم تقارير موثوقة وشفافة عن سوق النفط مقارنة بمنظمات أخرى. وفي حين تواجه بعض المؤسسات انتقادات بسبب تبني رؤى محدودة وقاصرة، تستند تقارير أوبك على بيانات دقيقة وتحليل متعمق، مما يجعلها مصدراً موثوقاً للمعلومات الاقتصادية عن صناعة النفط.
دور أوبك في تعزيز استقرار أسعار النفط يجعلها محل إشادة وتقدير واسعين. تعمل المنظمة جاهدة على تحقيق التوازن بين المصالح المختلفة للدول الأعضاء والمستهلكين العالميين، مما يعزز الثقة في السوق العالمية للطاقة ويسهم في دعم الاقتصادات الوطنية والعالمية.
الحفاظ على توازن السوق
من جانبه، يشير خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن:
منظمة أوبك منذ تأسيسها قبل أكثر من ستة عقود وهي تلعب دوراً هاماً في الدفاع عن مصالح الأعضاء والحفاظ على توازن الأسواق وتلبية الطلب العالمي.
بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أشاد أخيراً بدور منظمة أوبك في تخفيف تقلبات أسعار النفط وخدمة المتعاملين بإصدار بيانات دقيقة تتعلق بالطلب العالمي وتوقعات الأسعار وحتى مواضيع مثل الطاقة المتجددة وتغير المناخ.
التعاون بين الأعضاء وتنسيق سياسة الإنتاج عوامل تساعد على استقرار الأسواق، سواء من خلال امتصاص الفائض من السوق أو ضخ المزيد؛ لتلبية حاجة السوق، حيث تخدم بذلك المنتج والمستهلك.
من أبرز وأهم الأعضاء في المنظمة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.. التعاون الوثيق بينهما يساعد في تقوية المنظمة وتأثيرها في أسواق النفط العالمية.
مع انضمام دول منتجة وتشكيل أوبك + صار هذا التحالف يسيطر على 40 بالمئة من الإنتاج النفطي العالمي و80 بالمئة من الاحتياطي النفطي العالمي.
ويلفت إلى أن الهدف من هذا التحالف هو تنظيم الإنتاج، وتجنب التقلبات الحادة في السوق التي تضر المنتج والمستهلك، علاوة على تعويض النقص في الأسواق، كما حدث في العام 2018 عندما تعطل إنتاج فنزويلا العضو القديم في أوبك، حيث أخذت المنظمة قراراً برفع الإنتاج لحماية الأسواق من النقص، مشيراً إلى أن ديناميكية العرض والطلب في نهاية المطاف تحدد مستوى الأسعار، ولكن تدخلات أوبك من حين لآخر تحافظ على توازن الأسواق.
واستطرد: في ربيع 2020 أثناء وباء كوفيد-19 هبطت الأسعار لمستويات منخفضة جداً نتيجة لحرب الأسعار وتم تدارك الأمر باتفاق تاريخي لخفض الإنتاج، كما تم تنظيم سياسات الإنتاج بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا لضمان استقرار الأسواق.
وأفاد خبير اقتصاديات الطاقة في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أنه وسط أزمات جيوسياسية حالياً وبسبب انضباط أوبك+ والتزامها بالتخفيضات المتفق عليها ارتفعت الأسعار حوالي 18بالمئة منذ بداية العام ووصلت أسعار خام برنت القياسي فوق 90 دولاراً للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط فوق 86 دولاراً في المتوسط، مؤكداً أن منظمة أوبك تلعب دوراً هاماً في أسواق الطاقة العالمية.
دعوات التخلي عن النفط!
وتواجه المنظمة بثبات ورؤية عميقة للأسواق، دعوات التخلي عن النفط. وقال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص، في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية، إن:
الدعوات التي تنادي بالتخلي عن النفط “مغلوطة وغير واقعية”.
النفط يعد بلا مبالغة عصب الحياة الحديثة إذ يشكل حوالي 31 بالمئة من مزيج الطاقة العالمي.
يتوقع أن يستمر النفط في شغل دور هام وحيوي في أسواق الطاقة العالمية لسنوات وعقود قادمة.. إن “الاستغناء عنه ليس بالأمر السهل”
وأشار إلى الأهمية البالغة للنفط في حياة جميع البشر بلا استثناء إذ يستخدم النفط ومشتقاته في عديد من الأنشطة اليومية الحيوية التي يقوم بها الناس باختلاف أماكنهم وجنسياتهم ووظائفهم واهتماماتهم وأبرزها التنقل والسفر وتوليد الطاقة والصناعة وغيرها.
وقال: “كثرت الأصوات في السنوات الأخيرة التي تنادي بالتخلي عن النفط بحجة الحفاظ على البيئة محذرا من المخاطر الجسيمة التي من الممكن أن يعاني منها العالم إذا توقف إنتاج النفط أو تم وقف استخدامه”.
وذكر الغيص أن:
التصدي للدعوات المطالبة بالتخلي عن النفط يأتي كجزء من الجهود التوعوية التي تقوم بها (أوبك) بشكل مستمر والتي تشمل أيضا إنتاج مواد مصورة ومنشورات بلغات مختلفة بهدف رفع مستوى الوعي والإدراك في جميع أنحاء العالم حول أهمية النفط ومدى خطورة تلك المطالب والدعوات.
وعن أبرز القطاعات التي ستتأثر باختفاء النفط قال الغيص إن التأثير سيمتد ليشمل وسائل النقل سواء كانت جوية أو بحرية أو برية ومركبات الطوارئ مثل سيارات الإسعاف وإنتاج الأغذية وتغليفها وتخزينها إضافة إلى الأدوية ومعدات المستشفيات والمستلزمات الطبية.
التأثير السلبي لاختفاء النفط سيطول مصادر الطاقة المتجددة مثل صناعة توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية لأن إنتاجها مرتبط بمنتجات نفطية وبطاريات أيونات الليثيوم للسيارات الكهربائية فضلا عن عدم إمكانية إنتاج مواد النظافة مثل الصابون ومعجون الأسنان.
اختفاء النفط ستكون له تداعيات كارثية مثل فقدان الملايين لوظائفهم وكبح جماح الإنتاج الصناعي في العالم والنمو الاقتصادي العالمي كما سيفاقم من أزمة فقر الطاقة في دول كثيرة حول العالم في وقت يفتقد فيه الملايين لأبسط الاحتياجات الكهربائية مثل الإضاءة.
“يعاني تقريبا 23 مليار نسمة من عدم توفر المعدات والوقود الملائم للطبخ وهي كلها أمور هامة في حياة الناس يوفرها النفط كمصدر للطاقة”.
رؤية عميقة
رؤية أوبك العميقة والواعية لأسواق النفط المبنية على أسس علمية متينة، كانت محل إشادة من جانب الفيدرالي الأميركي، إذ خلصت دراسة حديثة أن بيانات وتقارير منظمة “أوبك” تساهم في تخفيف تقلبات أسعار النفط وتشجع المشاركين في السوق على إعادة التوازن في مراكزهم.
وتحت عنوان “الأسباب وراء الكلمات: روايات أوبك وسوق النفط”، أشار الفيدرالي الأميركي في الدراسة، إلى أن المتعاملين في السوق يعتبرون بيانات أوبك مصدرًا مهمًا للمعلومات في سوق النفط الخام.
تقدم هذه الدراسة دليلاً على أن بيانات أوبك تلعب دورًا مهمًا في التأثير على سوق النفط الخام من خلال الحد من التقلبات وتوجيه قرارات المشاركين في السوق.
وقامت الدراسة صادرة عن الفيدرالي الأميركي، بتحليل تأثير بيانات منظمة أوبك على سوق النفط الخام، حيث بحثت في مدى تأثير بيانات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على سوق النفط الخام. ولتحقيق ذلك، قام الفيدرالي بتطوير منهجية إحصائية تقيس قوة تقارير أوبك العلنية وتختبر مدى مصداقيتها لدى المشاركين في السوق.
وذكر التقرير: “باستخدام النماذج الهيكلية، قمنا بتحليل بيانات أوبك وتمكّنا من تحديد عدة مواضيع مرتبطة بالعوامل الأساسية التي تؤثر على سوق النفط، مثل الطلب والعرض والمضاربة”.
وباعتبارها الكيان الرائد في أسواق النفط، تشارك منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) المعلومات بانتظام من خلال إصدار البيانات. يتمثل هدف أوبك في “تنسيق وتوحيد سياسات البترول لدول الأعضاء وضمان استقرار أسواق النفط، ويمكن أن يكون لسوق النفط الخام الذي يعمل بشكل جيد آثار إيجابية على الاقتصاد العالمي والتضخم.
كما شددت الدراسة على أن النفط الخام له أهمية بالغة على كل من الاقتصاد الحقيقي والأسواق المالية.
ذكرت الدراسة أنه بالإضافة إلى المواضيع الواضحة في تقارير “أوبك” مثل “الأسعار” و”نقص النفط” و”النمو الاقتصادي”، توجد مواضيع تتعلق بـ “تغير المناخ” و “سياسات الطاقة”.
قالت الدراسة: “هذا ليس مفاجئًا، لأن تغير المناخ والمخاطر المرتبطة بالمناخ لها آثار مباشرة (أي سياسات جديدة للحد من انبعاثات الوقود الأحفوري) وغير مباشرة (أي تقنيات جديدة) على الدول المنتجة للنفط”.
كما أن “دراسة تأثير المخاطر المرتبطة بالمناخ، وبالتالي تأثيرها على سوق النفط الخام، يعد أمر بالغ الأهمية لصناع القرار والمشاركين في السوق والجمهور بشكل عام”بحسب الفيدرالي الأميركي.
قراءة أفضل من المؤسسات الدولية للسوق
تقرأ أوبك الأسواق بشكل جيد، أفضل من المؤسسات الدولية، وهذا ما أكده الباحث في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، شدد خلالها على أن:
منظمة أوبك لها دور مركزي وأساسي في أسواق النفط العالمية؛ فهي تقوم بخلق نوع من التوازن ما بين العرض والطلب في الأسواق العالمية.
صادرات أوبك تشكل نحو 60 بالمئة من تجارة النفط العالمية.. لاسيما أن إنتاجها قوي ومؤثر وزاد تأثيراً بعد انضمام روسيا ودول أخرى للمنظمة وتشكيل ما يعرف بـ “أوبك بلس”.
المنظمة تقوم بشكل دوري بتقدير حجم الطلب في الأسواق العالمية، وتحديد المعروض في الأسواق العالمية.
تستجيب بشكل كبير للتطورات في الأسواق العالمية، على سبيل المثال إذا فرضت عقوبات على دول ما، وفقدت هذه الدول حصتها في السوق، تقوم المنظمة بزيادة حصص أعضائها، لضمان عدم وقوع خلل في الأسواق العالمية، وعندما يكون هناك فائض في الأسواق كما حدث إبان جائحة كورونا تقوم هذه الدول بتخفيض إنتاجها لعدم انخفاض الأسعار إلى مستويات لا تساعد حتى في عمليات الاستثمار .
تقرأ أوبك تقلبات الأسواق نتيجة المخاطر الجيوسياسية بشكل جيد.
تعاملت أوبك مع التقلبات الاقتصادية وما حدث أخيراً من رفع أسعار الفائدة (لكبح جماح التضخم)، وما ارتبط بذلك بخفض دوران حركة الاقتصاد العالمي وأدى بطبيعة الحال إلى انخفاض الطلب على النفط.
المنظمة خفضت بشكل طوعي في اجتماعها الأخير إنتاج النفط من عدة دول بمقدار 2.2 مليون برميل.
كما قرأت الأسواق بشكل جيد من حيث الطلب على النفط بشكل أفضل بكثير من المؤسسات الدولية وأثبتت أن دراستها في محلها.
تعد بيت الخبرة لسوق النفط العالمي التي تسير تجارة النفط العالمية وهي السلعة الأهم في العالم والأكثر قيمة والتي يتم تداولها يومياً.
وكالة الطاقة الدولية
أثبتت قرارات أوبك وتقاريرها حقيقة الرؤية العميقة التي تتبناها لأسواق النفط، في الوقت الذي يُثار في لغط واسع بشأن تقديرات وتقارير مؤسسات أخرى، على رأسها وكالة الطاقة الدولية، التي قال عنها كبار المشرعين في الولايات المتحدة، إنها “ابتعدت عن مهمتها الأساسية” المتمثلة في حماية أمن الطاقة، وبرزت باعتبارها “قائدة مشجعة” على التحول الأخضر.
وذكرت رسالة – بتاريخ 20 مارس 2024- كتبها السيناتور الجمهوري جون باراسو، العضو البارز في لجنة مجلس الشيوخ الأميركي للطاقة والموارد الطبيعية، والنائبة كاثي مكموريس رودجرز، رئيسة لجنة مجلس النواب الأميركي للطاقة والتجارة:
“نستطيع أن نقول إن وكالة الطاقة الدولية كانت في السنوات الأخيرة تعمل على تقويض أمن الطاقة من خلال سعيها لكبح الاستثمار الكافي في إمدادات الطاقة، وخاصة في النفط والغاز الطبيعي والفحم”.
توقعات وكالة الطاقة الدولية لها تأثير هائل على تشكيل رؤية العالم لاتجاهات الطاقة المستقبلية “وبالتالي، يتعين على وكالة الطاقة الدولية أن تقوم بمهمتها في مجال أمن الطاقة بطريقة موضوعية”.
وقالت الرسالة موجهة إلى المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، بحسب تقرير نشرته “سي إن بي سي”: “نعتقد أن وكالة الطاقة الدولية فشلت في الوفاء بهذه المسؤوليات. بعض الأطراف المتحيزة تستغل توقعات وكالة الطاقة الدولية للدفاع عن السياسات التي تقوض أمن الطاقة”.
وبحسب التقرير، اتخذت وكالة الطاقة الدولية دورا رائدا في الدعوة إلى التخلص من انبعاثات الكربون على مستوى العالم.
وفي تحليل خلال عام 2021، دعت الوكالة إلى عدم تطوير أي مشاريع جديدة للنفط أو الغاز أو الفحم، إذا كان العالم يعتزم التخلص تماما من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.
ومن بين البنود الأخرى، اتهم الموقعون على الرسالة أن تقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2021 “يحتوي على الكثير من الطموحات الكبيرة، ولكنه يفتقد للأشياء الأكثر أهمية بالنسبة لصانعي السياسات: التحليل الموضوعي لتدفقات الطاقة، وأنماط التجارة، والتأثيرات الأمنية، والآثار الاقتصادية”.
صناعة النفط
وبحسب أمين عام منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، هيثم الغيص، فإن:
تخصيص المزيد من الاستثمارات في صناعة النفط من شأنه المساهمة في تعزيز استدامة قطاع الطاقة العالمي، وتأمين إمدادات كافية وموثوقة للعالم أجمع وضمان إمدادات آمنة لأجيال المستقبل.
زيادة الاستثمارات في صناعة النفط تأتي في ظل زيادة الطلب العالمي على الطاقة، إذ يحتاج قطاع التنقيب والاستخراج استثمارات تقدر بنحو 11.1 تريليون دولار وقطاع التكرير والتصنيع حوالي 1.7 تريليون دولار، فيما يتطلب قطاع النقل والتسويق تخصيص استثمارات بـ 1.2 تريليون دولار وذلك بحلول عام 2045، بحسب وكالة أنباء الإمارات “وام”.
تأمين الإمدادات اللازمة من النفط التي يحتاجها العالم يتطلب ضخ مزيد من الاستثمارات في مختلف أنشطة الصناعة النفطية في ظل الزيادة المتوقعة في الاستهلاك العالمي لـ”الطاقة” التي تشكل ركيزة أساسية لمواصلة زخم النمو الاقتصادي العالمي.
أهمية هذه الاستثمارات لا تنحصر فقط في تعزيز أمن الطاقة العالمي، بل ستسهم أيضاً بشكل كبير في تطوير التقنيات المطلوبة لخفض الانبعاثات.. لذا تواصل المنظمة والدول الأعضاء فيها تأكد أهمية ضخ الاستثمارات اللازمة في هذا القطاع الحيوي لارتباطها بشكلٍ وثيق باستدامة قطاع الطاقة وتأمين الإمدادات وخفض الانبعاثات”.
كما شدد على أن:
الدول الأعضاء في المنظمة تلعب أدواراً قيادية مهمة في عديد من القضايا الحاسمة التي تهم العالم أجمع لإيجاد حلول واقعية ومسؤولة وشاملة لا سيما قضايا التغير المناخي وتحول الطاقة.
المنظمة وأعضاءها شاركوا في المفاوضات المتعلقة بالتغير المناخي بعد أن حصلت على صفة مراقب في مؤتمرات الأطراف “COP” وذلك نتيجة لإيمان الدول الأعضاء بمدى أهمية هذه المسألة على العالم.
منظمة أوبك تقدم الدعم المستمر لأعضائها في هذا الشأن عبر طرقٍ عدة منها تسهيل عملية تبادل المعلومات خاصةً فيما يخص أفضل الممارسات وهذا الدور المساند يساهم في تطوير وتنفيذ استراتيجيات فعالة لخفض الانبعاثات وتطوير صناعة الطاقة والنفط لجعلها أكثر صداقة للبيئة.
جميع الدول الأعضاء في المنظمة تقوم بشكل مستمر بالإعلان والتنفيذ لمبادرات ومشاريع فعالة لدعم هذه الجهود عبر تقديم مساهمات طموحة للغاية كجزء من أهدافها الوطنية بموجب اتفاقية باريس للتغير المناخي أو عبر مبادرات بناءة فريدة من نوعها.
الدول الأعضاء في المنظمة تستفيد من مواردها الطبيعية المتنوعة والخبرات التي اكتسبتها عبر السنين خاصةً في قطاعي النفط والطاقة وتقدم استثمارات هائلة من أجل تطوير التكنولوجيا والتقنيات المبتكرة التي تسهم بدورها في خفض الانبعاثات ومنها التقاط وتخزين واستخدام الكربون والاستخراج المعزز للنفط عبر استخدام ثاني أكسيد الكربون والالتقاط المباشر للكربون من الهواء وخفض الانبعاثات عبر تخفيف تركيز الكربون في جميع قطاعات الصناعة النفطية “التنقيب والاستخراج والنقل والتسويق والتكرير والتصنيع” إذ تلعب جميع هذه التقنيات دوراً هاماً في خفض الانبعاثات وتوفير الطاقة بشكلٍ مستدام وصديق للبيئة.
الدول الأعضاء في المنظمة ضخت استثمارات كبيرة في الصناعة النفطية وصناعات الطاقة الأخرى مثل الهيدروجين والطاقة المتجددة والتقنيات المطلوبة لخفض الانبعاثات الكربونية، وذلك لضمان آمن الطاقة العالمي واستمرارية الإمدادات.
استقرار السوق
وفي السياق ذاته، قالت خبيرة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوري هايتايان، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن:
هدف منظمة أوبك منذ نشأتها هو “استقرار الأسواق”؛ للسيطرة على الكميات المنتجة وحاجة السوق لضبط الأسعار، خاصة أن الأسعار دائماً ما تشهد حالة من التذبذب، وأن هذا التذبذب لا يساعد الدول المنتجة للطاقة، لا سيما تلك التي تعتمد على النفط بشكل أساسي للقيام بدورها.
منظمة أوبك لديها القدرة على السيطرة لعدم التلاعب بالأسعار في الأسواق.
أعضاء أوبك وأوبك+ يواصلون النظر إلى أساسيات السوق من العرض والطلب، مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الجيوسياسية التي تؤثر على الأسعار.
هناك مرجعية للمملكة العربية السعودية كونها الأقوى بين المنتجين الآخرين لإدارة هذا القطاع العالمي (..).
ولفتت في هذا السياق، إلى أن هناك فائضاً من الإنتاج يأتي من خارج “أوبك بلس”، مما يجعل هناك حالة من الانضباط (الاستقرار)، والتعاون الذي يخلق حالة من التوازن بين المعروض الذي يأتي من خارج أوبك بلس.
أوبك+.. دور فعّال ومؤثر
وإلى ذلك، أفاد عضو الجمعية الدولية لاقتصاديات الطاقة، وضاح الطه، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بأن:
دور منظمة أوبك أصبح أكثر تأثيراً مما كان عليه في السابق، خاصة بعد الاتفاق الاستراتيجي وتوسيع التحالف بينها وبين الـ 10 دول وفي مقدمتها روسيا “أوبك بلس” .
تتصف استراتيجية أوبك بـ “الحكمة والمسؤولية والتوازن” في السوق، وليس لهدف عدائي أو احتكاري كما يحاول البعض أن يصور ذلك من جانب مجموعة تسعى لمعاقبة الدول التي تقنن إنتاج النفط.
منظمة أوبك تراقب السوق، وآليات العرض والطلب.. كما أنها تراقب الأساسيات التي يعتمد عليها اقتصاد العالم بشكل عام وتتصرف على هذا الأساس.
تمكنت أوبك من ضبط إيقاع أسعار النفط إلى حد كبير.. وبلغ إنتاجها في شهر مارس الماضي نحو 26.604 مليون برميل يومياً، مقابل نحو 26.601 مليون برميل يومياً في فبراير.
وشدد على أن جزءاً من الارتفاعات التي شهدتها أسعار النفط (والتي اخترقت الـ 90 دولاراً للبرميل بالنسبة لخام برنت في بعض الجلسات)، لا ترتبط بأساسيات العرض والطلب، وإنما ترتبط بعاملين مهمين هما: “المخاطر الجيوسياسية والمضاربة”، وبالتالي لا تعبر تلك الارتفاعات عن حقيقة السعر.
وتابع: “من الصعب في ظل المعطيات الراهنة “وظروف العرض والطلب” أن يتجاوز النفط الـ 100 دولار للبرميل” موضحاً أن “هذا المعدل (النطاق السعري) يدعم الكثير من الموازنات للدول الأعضاء من خلال دعم المشاريع الاستراتيجية والإنفاق الرأسمالي لموازنات دول أوبك”.
وأكد أن أداء أوبك في السنوات الأخيرة بناء ومتميز؛ ذلك أنها تتعامل بحرفية عالية المستوى بقيادة المملكة العربية السعودية، كما أن وزير الطاقة السعودي يتعامل بموضوعية شديدة، ويرد على “الصحافة الصفراء” بطريقة ذكية كما يتعامل بالعقلية التي يفكر بها الغرب ويمتص الاتهامات.