خاص – تفاصيل ومعطيات مهمة.. إليكم تقرير الغرفة الدولية للملاحة تحت عنوان “”وحدث ما لم يكن في الحسبان .. التجارة العالمية في مهب الريح”!
تضمنت النشرة الشهرية للغرفة الدولية للملاحة في بيروت عدد 152، حصل موقعنا Leb Economy على نسخة منها، تقرير شامل عن واقع التجارة العالمية في الوقت الحالي تحت عنوان “وحدث ما لم يكن في الحسبان .. التجارة العالمية في مهب الريح”. وتطرق التقرير الى جفاف قناة “بنما” وانضمام الحوثيين لحرب غزة وارتفاع أجور الشحن وتأثير ذلك على المستهلك اللبناني والقطاعات الإقتصادية.
موقعنا Leb Economy يتيح لمتصفحية الإطلاع على هذا التقرير كاملاً نظراً لأهميته والمعطيات الهامة التي يتضمنها.
منذ شهر تموز من العام الماضي، بدأت قناة بنما التي تربط بين المحيطين الهادئ والاطلسي، تشهد جفافا حادا ادى إلى انخفاض مستوى المياه فيها ، ما أجبر هيئة القناة على تحديد الحد الأقصى لعمق السفن والناقلات التي تعبرها ، وتخفيض عدد المسموح لها بعبور القناة يوميا.
وتتعرض المنطقة المتواجدة فيها قناة بنما لانحباس غير مسبوق للأمطار منذ مطلع العام الماضي ، وزاده سؤا ظاهرة ال “نينو” المناخية(El – Nino Weather) التي تؤدي الى ارتفاع حرارة المياه في المحيط الهادئ والغلاف الجوي ، وإلى انخفاض كبير بكميات المياه في البحيرة الصناعية “Gatun lake” التي تغذي القناة بالمياه الضرورية لتشغيل بوابات التحكم بمرور المياه والسفن.
تدابير طارئة للحد من صرف المياه
ودفعت هذه الأحوال الجوية الجافة هينة القناة الى اتخاذ إجراءات وتدابير طارئة وصارمة للحد من استعمال وصرف المياه لرفع مستوى المياه في القناة خلال ابحار السفن فيها، لان مع مرور كل سفينة في القناة يصرف نحو مليون ليتر من المياه العذبة التي تصب البحر.
تخفيض عدد السفن المارة في القناة يوميا
وقد اضطرت هينة القناة الى تخفيض عدد السفن التي تعبر القناة يوميا من 38 سفينة في الأحوال الطبيعية، الى 36 سفينة مع استمرار انحباس الأمطار ، والى 24 سفينة في تشرين الثاني (نوفمبر) و 22 سفينة في كانون الأول (ديسمبر) والى 18 سفينة في شباط (فبراير) المقبل في حال استمر انحباس طول الأمطار.
ازدحام كبير للسفن المنتظرة لعبور القناة
وادى قرار هينة قناة بنما بخفض عدد السفن التي تعبرها القناة يوميا الى ازدحام كببر بعدد السفن المنتظرة دورها على مدخلي القناة في المحيطين الهادئ والاطلسي، وقد تجاوز عددها الـ 200 سفينة في شهر اب(اغسطس) المنصرم، وانخفض الى 120 سفينة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
قرار بتغيير مسار السفن الى قناة السويس
واجبر الازدحام الشديد للسفن المنتظرة حلول دورها للمرور في قناة بنما، والانخفاض المتواصل بعدد السفن التي تعبرها يوميا ، عددا كبيرا من شركات الشحن بسفن الحاويات وناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال وسفن الدحرجة( RO/R0) وناقلات البضائع السائبة( Bulk carries) والتي تستخدم عادة قناة بنما، الى اتخاذ قرار بتغيير مسار ابحار سفنها المنطلقة من دول الاسيوية والخليج العريي الى قناة السويس للوصول إلى الولايات المتحدة.
قناة السويس قادرة على استقبال المزيد من السفن
فقناة السويس، التي تعتبر اقصر طريق بحرية بين آسيا واوروبة، واسرع ممر بحري يربط القارتين الافريقية واوروبية، قادرة ومؤهلة لاستقبال المزيد من السفن والناقلات، وتعتبر من أهم الممرات البحرية التجارية في العالم، وتمر عبرها اكثر من 12 % من حركة التجارة العالمية واكثر من 22 الف سفينة و 30 % من حركة الحاويات العالمية وتتجاوز ايراداتها ال 10 مليارات دولار سنويا.
وحدث ما لم يكن في الحسبان!
و ما آن اتخذ عدد كبير من شركات الشحن العالمية على مختلف انماطها القرار بتغيير مسار ابحار سفنها من قناة بنما الى قناة السويس، حتى فوجئت باندلاع الحرب الإسرائيلية مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة ، بعد ان كانت حركة حماس قد شنت هجوما على المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة في 7 تشرين الأول ( اوكتوبر) الماضي، وأخذت رهائن عسكريين ومدنيين إسرائيليين إلى داخل قطاع غزة.
انضمام الحوثيين لمساندة الفلسطينيين
وانضم الحوثيون اليمنيون الى هذه الحرب لمساندة الفلسطينيين، وذلك عبر شنهم هجمات بصواريخ وطائرات وزوارق مسيرة مفخخة على سفن إسرائيلية أو تلك المبحرة إلى المرافىء الاسرائيلية عبر البحر الأحمر وقناة السويس .كما استولوا على السفينة Galaxy Leader بحجة انها مملوكة من إسرائيلين واقتادوها إلى أحد المرافىء اليمنية الخاضعة لسلطتهم وما زالت محتجزة لديهم حتى الان.
الحوثييون يواصلون هجماتهم في البحر الاحمر
واعلن الحوثيون انهم سيواصلون هجماتهم في البحر الأحمر على السفن الإسرائيلية وتلك المبحرة إلى المرافىء الاسرائيلية، ما لم توقف إسرائيل عدوانها على قطاع غزة وترفع حصارها عنه ، وتسمح بدخول قوافل المساعدات من طعام ومياه صالحة للشرب وأدوية إلى اهالي القطاع.
شركات شحن عالمية تتجنب العبور في قناة السويس
وقد اصابت الصواريخ والطائرات والزوارق المسيرة المفخخة التي اطلقها الحوثيون في البحر الأحمر عدة سفن وناقلات باضرار، ما دفع عددا كبيرا من شركات الشحن العالمية إلى تجنب مرور سفنها في البحر الأحمر وقناة السويس، واختيار الممر البحري البديل الاطول والأكثر كلفة، بالدوران حول راس رجاء الصالح للوصول إلى مرافئ في شرق المتوسط والبحر الأسود واوروبة والسواحل الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية على المحيط الاطلسي.
اميركا وبريطانيا تتدخلات عسكريا لتأمين ضمان المرور الامن للسفن
وقد تدخلت القوات البحرية الأمريكية والبريطانية المرابطة في البحر الأحمر لتأمين ضمان المرور الأمن للسفن في البحر الأحمر ، فقصفت قواعد عسكرية عدة في اليمن التي انطلقت منها صواريخ وطائرات وزوارق مسيرة مفخخة حوثية.لكن هذا القصف دفع الحوثيين إلى التصعيد لتشمل هجماتهم أيضا السفن العسكرية والتجارية الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر.
شركات الشحن بسفن الحاويات العشرة الاولى غيرت مسار ابحار سفنها
ورغم محاولات القوات البحرية الأمريكية والبريطانية طمانت السفن بضمان مرورها الأمن في البحر الأحمر، استمرت شركات الشحن العالمية في الدوران حول راس رجاء الصالح.
وقد تبين آن شركات الشحن بسفن الحاويات التي تحتل المراتب العشرة الاولى في العالم بسعة اسطولها ، غيرت أيضا مسار ابحار سفنها القادمة من البلدان الاسيوية والخليج العريي أو بالعكس، علما ان سعة اساطيل هذه الشركات تبلغ اكثر من 23,700 مليون حاوية نمطية اي ما نسبته اكثر من 83 % من سعة الأسطول التجاري العالمي والبالغة حوالي 28,405 مليون حاوية نمطية.
تراجع ايرادات وحركة السفن في قناة السويس
وقد انخفضت حركة الحاويات عبر قناة السويس بأكثر من 80 % خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر كانون الثاني من العام الحالي ، مقارنة مع الاسبوع الاول من شهر كانون الاول من العام الماضي .كما انخفض عدد ناقلات الحبوب والزيوت والسيارات و ألغاز الطبيعي المسال والنفط ، خصوصا ان 14,8 مليون طن متري من ألغاز القطري و8,8 ملايين طن متري من النفط الأمريكي و3,7 مليون طن متري من النفط الروسي يمر سنويا في قناة السويس حسب تقديرات وكالة Standard and Poor’s(S&P) للتصنيف والخدمات المالية.
وأظهرت الاحصاءات ان حركة عبور السفن في قناة السويس خلال الأيام الأحد عشر الأولى من شهر كانون الثاني الماضي تراجعت 30 % والايرادات بنسبة 40% عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي.
واعلن رئيس هيئة قناة السويس اسامة ربيع ان ايرادات القناة تراجعت الى 428 مليون دولار في كانون الثاني (يناير) من العام الحالي بانخفاض بلغت نسبته 46% عن الشهر ذاته من العام 2023.
تعثر كبير بسلاسل التوريد والشحن والامداد
وادى اسخدام شركات الشحن لهذا الممر البحري البديل عن قناة السويس، عبر الدوران راس رجاء الصالح ، إلى ارتفاع عدد ايام الرحلة للبواخر التي تسلكه واستهلاك كميات اضافية من الوقود، وبالتالي إلى ارتفاع كبير بالتكلفة الإجمالية لرحلة كل باخرة.كما سبب تأخر وصول السفن الى مقصدها النهائي حسب الاوقات المجدولة لها، والى احداث خلل وتعثر كبيرين بسلاسل التوريد والشحن والامداد العالمية.
ارتفاع متواصل باقساط التأمين ضد اخطار الحرب
وساهم تصاعد الهجمات المتبادلة بين الحوثيبن والقوات البحرية والجوية الأمريكية والبريطانية، الى ارتفاع كبير ومتواصل باقساط التأمين ضد مخاطر الحرب (War risk insurance premiums ) على السفن المبحرة في البحر الأحمر ، و دفع أسواق التأمين العالمية إلى اعتبار البحر الأحمر منطقة شديدة الخطورة، وبالتالي فرضت على السفن المبحرة في هذه المنطقة إبلاغ شركات التأمين بالمسار البحري الذي تتبعه وان تدفع أقساط تأمين اضافية ضد مخاطر الحرب والتي تكون عادة لفترة 7 أيام.
وقد ارتفعت أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب على السفن المبحرة في البحر الأحمر من 0.1% في النصف الأول من شهر كانون الثاني المنصرم الى 1% من قيمة السفينة، ومن المتوقع مواصلة ارتفاعها خلال الفترة المقبلة مع استمرار إسرائيل حربها على قطاع غزة والهجمات المتبادلة بين الحوثيبن والقوات الجوية والبحرية الأمريكية والبريطانية.
ارتفاع اجور الشجن البحري عدة اضعاف
كما ارتفعت أجور الشحن البحري عدة اضعاف من والى الدول الاسيوية واوروبة وشرق المتوسط والبحر الاسود وأوروبة والولابات المتحدة ، ما سبب غلاء بأسعار السلع والبضائع المستوردة من البلدان الاسيوية في مختلف الدول في العالم وارتفاعا بمستويات التضخم في الاقتصاد العالمي.
التجارة العالمية في مهب الريح!
مما تقدم ، يتبين آن التجارة العالمية معرضة لشتى انواع المخاطر وهي في مهب الريح ، بسبب تعثر عبور السفن في قناة بنما بسبب الجفاف الذي يضربها، وتجنب عبور السفن في قناة السويس نتيجة تصاعد هجمات المتبادلة بين الحوثيبن والقوات البحرية الأمريكية والبريطانية ، ما اثر سلبا على قطاع النقل البحري وسلاسل التوريد والشحن والامداد العالمية، بالاضافة إلى ارتفاع كبير باقساط التأمين ضد مخاطر الحرب، واجور الشحن البحري وغلاء ملموس بأسعار السلع والبضائع وارتفاع مستويات التضخم في الاقتصاد العالمي…
تداعيات التصعيد العسكري يطال لبنان
ولا بد من الإشارة إلى أن لبتان تاثر كغيره من الدول بالتصعيد العسكري في البحر الأحمر، وتضرر ايضا بالحرب الإسرائيلية.القاتلة والمدمرة على قطاع غزة والتي تمددت لتشمل الجنوب اللبناني.
وكما ذكرنا مرارا آن لبنان بلد استيراد بامتياز لانه يستورد بأكثر من 19 مليار دولار سنويا ولا يصدر بأكثر من من 3.5 مليار دولار، والصين هي الشريكة الأولى بالتوريد إلى لبنان، بالاضافة إلى الهند وتايلاند واليابان وكوريا الجنوبية ، في حين الإمارات العربية المتحدة هي الشريكة الأولى بوارداتها من لبنان، بالاضافة إلى ان العراق والأردن وقطر وسلطنة عمان. .وبالتالي فان كافة البضائع المستوردة من الدول المذكورة اعلاه تمر في البحر الأحمر وقناة السويس للوصول إلى لبنان.كما ان كافة الصادرات اللبنانية من صناعية ومنتجات زراعية تمر ايضأ في قناة السويس والبحر الأحمر للوصول الى دول لخليج العربي والدول الاسيوية.
المستهلك اللبناني كالعادة هو الضحية
ودفع تصاعد الهجمات المتبادلة بين الحوثيبن والقوات البحرية الأمريكية والبريطانية في البحر الاحمر، دفع شركات الشحن العالمية إلى تجنب مرور سفنها في قناة السويس واختيار الدوران حول أفريقيا وراس رجاء الصالح للوصول إلى شرق المتوسط ولاسيما إلى لبنان وبالعكس ، ما ادى ارتفاع اجور الشحن البحري بصورة كبيرة واقساط التأمين ضد مخاطر الحرب. وكان المستهلك اللبناني كاالعادة هو الضحية وابرز المتضررين ، بالإضافة إلى المصدر اللبناني لا سيما للمتجات الزراعية.
الاضرار طالت كافة القطاعات في لبنان
كما ان لبنان تاثر سلبا بحرب اسرائيل على قطاع غزة وجنوب لبنان ، اذ ان الحركة السياحية الجيدة ألتي حققها في فصل الصيف الماضي، كان مخطط لها أن تستمر خلال فصلي الخريف والشتاء. ولكن هذه الحرب المفاجئة ، اطاحت بالقطاع السياحي وفرملت استمرار قدوم اللبنانيين العاملين في الخارج والسياح من الدول العربية الشقيقة الى لبنان، ما انعكس سلبا على كافة القطاعات السياحية و المالبة والاقتصادية والتجارية في مختلف المتاطق اللبنانية.